في إطار رسالته الداعمة لتطوير قطاع الاستثمار في دولة الكويت وتعزيز مكانته كمركز مالي إقليمي، أعلن اتحاد شركات الاستثمار من خلال ذراعه التدريبي "مركز دراسات الاستثمار" عن تنظيم برنامج تدريبي متخصص تحت عنوان: "التواصل الاستراتيجي".
عُقد البرنامج على مدى يومي 5 و6 أكتوبر 2025 بمقر الاتحاد، بمشاركة واسعة من قيادات المؤسسات المالية، ومديري الإدارات التنفيذية، وخبراء الاستثمار والحوكمة.
يأتي هذا البرنامج استجابة للتحولات السريعة التي يشهدها العالم المالي، حيث أصبحت القدرة على صياغة الرسائل الاستراتيجية وإيصالها بفعالية عاملاً أساسياً لضمان التنافسية، وبناء الثقة مع المستثمرين والعملاء، وتعزيز الامتثال للمعايير الرقابية.
أهمية الاتصال الاستراتيجي في بيئة المال والأعمال
أكد اتحاد شركات الاستثمار أن الاتصال الاستراتيجي لم يعد مجرد وسيلة للتواصل، بل أصبح أداة جوهرية لرسم السياسات وصنع القرارات داخل المؤسسات المالية.
فالقطاع المالي يتميز بحساسيته المفرطة تجاه الرسائل والمعلومات، إذ أن أي خلل في وضوحها قد ينعكس بشكل مباشر على قرارات الاستثمار، وعلى سمعة المؤسسة وثقة المتعاملين معها.
من هنا تبرز أهمية هذا البرنامج، حيث تم استعراض أحدث الممارسات العالمية في مجال الاتصال، مع التركيز على واقع السوق الكويتي والخليجي، وارتباط ذلك برؤية الكويت 2035 الرامية إلى تحويل الكويت إلى مركز مالي وتجاري إقليمي.
اليوم الأول: الأساسيات
تضمن اليوم الأول أربعة محاور أساسية شكلت الإطار العام لمفهوم الاتصال الاستراتيجي:
1. **فهم الاتصال الاستراتيجي**: تم تعريف المشاركين بكيفية بناء رسائل تتماشى مع استراتيجية المؤسسة، وأهمية الشفافية والوضوح في تعزيز الثقة المؤسسية.
2. **بناء الرسائل الواضحة والمؤثرة**: حيث جرى التركيز على عناصر الوضوح، الاتساق، ومواءمة الرسالة مع الجمهور المستهدف.
3. **قوة السرد القصصي**: وهو محور مهم في تحويل البيانات والأرقام المالية إلى قصص إنسانية مؤثرة تساعد على تعزيز التفاعل والاقتناع.
4. **تكييف أسلوب الاتصال**: تناول كيفية اختيار الأسلوب المناسب عند التواصل مع القيادات العليا، فرق العمل الداخلية، أو الجهات الخارجية كالمنظمين والعملاء.
5. وقد تخلل اليوم الأول العديد من التطبيقات العملية، التي سمحت للمشاركين بتجربة صياغة رسائلهم وإعادة هيكلتها بما يتناسب مع جمهور محدد.
اليوم الثاني: الاستراتيجيات المتقدمة وإدارة الأزمات (Modules 5–8)
خصص اليوم الثاني للاستراتيجيات المتقدمة، حيث غطى أربعة محاور رئيسية:
1. **إدارة المحادثات الحرجة**: التعرف على كيفية التعامل مع الحوارات الحساسة والنزاعات المؤسسية بأسلوب احترافي يقلل من حدة التوتر ويعزز فرص الحل.
2. **تقنيات التأثير والإقناع**: حيث استعرض المدربون الأسس النفسية للإقناع، وكيفية التعامل مع الاعتراضات ومقاومة التغيير.
3. **الاتصال خلال الأزمات**: وهو من أهم محاور البرنامج، حيث تم تقديم نماذج واقعية لأزمات مالية وإعلامية، مع شرح استراتيجيات الاستجابة السريعة والشفافة للحفاظ على السمعة.
4. **التخطيط طويل الأمد للاتصال المؤسسي**: تضمن أدوات لإعداد خرائط تواصل استراتيجية على مستوى المؤسسات، بما يضمن استدامة فعالية الرسائل الداخلية والخارجية.
5. وقد أُتيح للمشاركين تنفيذ تمارين محاكاة عملية، عكست مواقف حقيقية واجهتها شركات استثمارية في المنطقة.
القيمة المضافة للقطاع المالي والاستثماري
يمثل هذا البرنامج قيمة مضافة كبيرة للقطاع المالي، إذ وفر منصة عملية لرفع وعي القيادات بأهمية الدمج بين الاتصال الاستراتيجي والخطط المؤسسية.
كما أبرز البرنامج كيف يمكن لرسائل مدروسة ومتماسكة أن تكون عاملاً أساسياً في تحسين ثقة المستثمرين، وزيادة التزام المؤسسات بمتطلبات الجهات الرقابية، وتعزيز صورة الكويت كبيئة جاذبة للاستثمار.
وتُعد القدرة على إدارة الأزمات والتواصل الفعال مع أصحاب المصلحة من أبرز النتائج التي خرج بها المشاركون.
انعكاسات البرنامج على الحضور والمؤسسات
أشاد الحضور بالمحتوى المتخصص والتطبيقات العملية التي تضمنها البرنامج. فقد ساعدهم على تطوير أدوات اتصال جديدة تسهم في تحسين الأداء المؤسسي، وتعزيز فعالية فرق العمل، ورفع مستوى الثقة مع العملاء والشركاء.
كما أشار العديد منهم إلى أن البرنامج مكنهم من إعادة النظر في خططهم الاتصالية، وربطها بشكل أوثق بأهدافهم الاستراتيجية.
وستنعكس هذه النتائج ليس فقط على المشاركين أنفسهم، بل على مؤسساتهم بشكل عام من خلال بيئة عمل أكثر شفافية وانفتاحاً.
التوصيات العملية من اتحاد شركات الاستثمار
خرج اتحاد شركات الاستثمار من خلال هذا البرنامج بعدد من التوصيات العملية، أهمها:
- ضرورة إدماج التواصل الاستراتيجي ضمن أنظمة الحوكمة المؤسسية.
- الاستثمار المستمر في تطوير مهارات القيادات والكفاءات الشابة في مجال الاتصال.
- تعزيز ثقافة السرد القصصي المالي كأداة لإيصال الرسائل المعقدة بصورة أكثر تأثيراً.
- إنشاء وحدات اتصال متخصصة داخل المؤسسات المالية تكون مسؤولة عن إدارة الرسائل الاستراتيجية والأزمات.
- تطوير برامج تدريبية متقدمة على مستوى إقليمي بالشراكة مع جهات أكاديمية ومهنية عالمية.
خاتمة ودعوة للتطوير المستمر
يؤكد اتحاد شركات الاستثمار أن بناء بيئة مالية قوية يتطلب تطوير المهارات الناعمة جنباً إلى جنب مع الكفاءات الفنية.
ويعتبر الاتصال الاستراتيجي من أهم هذه المهارات التي تتيح للقادة والمديرين التعامل بكفاءة مع التحديات المعقدة، وصياغة رؤى واضحة تدعم استدامة المؤسسات.
وفي هذا الإطار، يدعو الاتحاد جميع المؤسسات المالية في الكويت والمنطقة إلى المشاركة في برامجه التدريبية المستقبلية، التي تهدف إلى رفع كفاءة القطاع المالي، ودعم تحقيق رؤية الكويت 2035 نحو اقتصاد متنوع ومستدام.