“العقارات السعودية” تترقب صفقات واستثمارات مليارية بعد قرار تملك الأجانب

خليجي
Typography
  • Smaller Small Medium Big Bigger
  • Default Helvetica Segoe Georgia Times

في خطوة تمثل تتويجًا لسلسلة من الإصلاحات التنظيمية للقطاع العقاري

في خطوة تمثل تتويجًا لسلسلة من الإصلاحات التنظيمية للقطاع العقاري التي بدأتها السعودية على مدار الفترة الأخيرة، وافق مجلس الوزراء السعودي على النظام المُحدَّث لتملُّك غير السعوديين للعقارات في المملكة، ما يفتح الباب أمام استحداث فرص استثمارية وصفقات مرتقبة في القطاع، إضافة إلى إمكانية زيادة الاستثمارات الأجنبية المتدفقة إلى المملكة.

على وقع القرار انتعشت أسهم العقارات في جلسة السوق السعودية أمس الأربعاء، مدفوعةً بالموافقة على نظام تملك الأجانب للعقارات في المملكة، وسجل مؤشر أسهم شركات إدارة وتطوير العقارات أعلى ارتفاع يومي منذ 11 جلسة. 

تصدّرت موجة الصعود أسهم شركات “مسار” و”العقارية” و”رتال” بمكاسب تراوحت بين 8% وأكثر من 9%، فيما توزعت بقية الأسهم، وعددها 14 سهمًا، على ارتفاعات متفاوتة، ما ساهم في الحد من تراجع المؤشر العام “تاسي” خلال الجلسة.

تشهد سوق العقارات في المملكة تطورات سريعة ومتلاحقة، حيث تتزايد فرص النمو شيئًا فشيئًا مع اقتراب المملكة من تحقيق أهداف رؤية 2030 الطموحة للتحول والتنوع الاقتصادي.

تواصل السوق وتيرة النمو المتسارعة بفضل الاستثمارات الكبيرة في تطوير البنية التحتية والمشاريع العملاقة، وهو ما ساهم أيضًا في تعزيز مرونة السوق وقدرته على التكيّف مع التحديات المختلفة.

من جانبه، أكد وزير الشؤون البلدية والقروية والإسكان، ورئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للعقار، ماجد بن الحقيل، أن هذه الخطوة تأتي ضمن مساعي تعزيز القطاع العقاري واستقطاب الاستثمار الأجنبي المباشر لزيادة المعروض العقاري في المملكة.

وأوضح أن النظام الجديد يراعي مصلحة المواطن عبر آليات لضبط السوق وتحقيق التوازن العقاري، ويتيح التملُّك لغير السعوديين ضمن نطاقات جغرافية محددة، خصوصا في الرياض وجدة، مع اشتراطات خاصة لمكة المكرمة والمدينة المنورة.

وستتولى الهيئة العامة للعقار تحديد النطاقات المسموح فيها بالتملُّك، وإعداد اللائحة التنفيذية للنظام وطرحها على منصة “استطلاع” خلال 180 يومًا، على أن يدخل النظام حيّز التنفيذ في يناير 2026. 

وسُتحدد اللائحة ‌إجراءات اكتساب غير السعودي للحقوق العينية للعقار، ومتطلبات إنفاذ أحكام النظام المقررة على غير السعودي، وتفاصيل تطبيق النظام بما يُراعي الجوانب الاقتصادية والاجتماعية كافة، وسيأتي مُنسجمًا مع الأنظمة الأخرى السارية التي تمنح غير السعودي امتيازات لتملُّك العقار.

قالت وزارة الاستثمار إن الموافقة على نظام تملك غير السعوديين للعقارات وتعديلاته تهدف إلى رفع وتحسين كفاءة وفعالية الإجراءات والضوابط المتعلقة بتملك وانتفاع غير السعوديين للعقار أو الانتفاع به في مدن ومناطق اقتصادية في المملكة مستهدفة بالتطوير، بما في ذلك مدينتا مكة المكرمة والمدينة المنورة”.

تمثل هذه الخطوة نقلة نوعية بالنسبة لقطاع العقارات في المملكة، خصوصًا أن نحو ثلث السعوديين والمقيمين في المملكة يتطلعون لشراء عقار هذه السنة، وفق تقرير حديث صادر عن “نايت فرانك”، في وقت يزداد اهتمام المستثمرين الأجانب بالقطاع، كما قد يعطي القرار دفعة كبيرة للاستثمارات الأجنبية المتدفقة إلى المملكة. 

خلال الربع الأول من العام الجاري، بلغت قيمة هه الصفقات العقارية في المملكة 29 مليار دولار، مدفوعةً بطلب قوي في قطاعات السكن والمكاتب والضيافة، بحسب أحدث تقرير عن سوق العقارات في المملكة صادر عن شركة (CBRE).

لا يعد القرار الخطوة الأولى التي تعتمدها السعودية لتطوير القطاع العقاري، إذ سمحت في وقت سابق من السنة، للأجانب بالاستثمار في الشركات المدرجة في السوق المالية التي تمتلك عقارات دائمة أو مؤقتة داخل حدود مدينتي مكة المكرمة والمدينة المنورة.

وأعلنت المملكة فرض رسوم مرنة تصل إلى 10% سنويًا على الأراضي البيضاء، كما دخلت العقارات الشاغرة لأول مرة تحت مظلة الرسوم العقارية، في محاولة لكسر الجمود وتحرير المعروض السكني، ضمن أكبر موجة إصلاح تنظيمي يشهدها القطاع منذ انطلاق “رؤية 2030”.

موافقة مجلس الوزراء تأتي في سياق هدف وطني أوسع، يتمثل في جذب استثمار أجنبي مباشر بقيمة 100 مليار دولار سنويًا بحلول عام 2030. وسجلت التدفقات الداخلة إلى السعودية في الربع الأول من 2025 نحو 24 مليار ريال، بزيادة سنوية تبلغ 24%.

ويرى محمد الحمود، الرئيس التنفيذي لمنصة “بروبرتي ميدل إيست”، إن موافقة مجلس الوزراء السعودي على النظام الجديد لتملك غير السعوديين للعقار تُعد محطة مفصلية في تطور السوق العقارية، وتمثل نقلة نوعية نحو مزيد من الانفتاح والتنظيم، بما يعزز جاذبية المملكة كمركز استثماري عالمي. 

وأوضح أن القرار يتماشى مع الزخم الذي يشهده القطاع في الطلب على السكن والمكاتب والضيافة، ويبعث برسالة طمأنة قوية للمستثمرين الدوليين، كما يُرسّخ الثقة في السوق السعودي بفضل الإصلاحات الهيكلية المتسارعة.

وأشار الحمود إلى أن القرار لا يقتصر أثره على الاستثمارات الأجنبية فحسب، بل يشمل شريحة المقيمين التي تضم أكثر من 15.6 مليون نسمة، معظمهم في الفئة العمرية القادرة على التملك. 

وتوقع أن يسهم القرار في تنشيط التمويل العقاري عبر تحفيز البنوك لتطوير منتجات مخصصة للمقيمين، مؤكدًا أن النظام يوازن بين تشجيع الاستثمار وضبط السوق من خلال تنظيم النطاقات الجغرافية وتحديد اشتراطات خاصة لمكة والمدينة، استعدادًا لتطبيقه مطلع 2026 بما ينسجم مع مستهدفات رؤية السعودية 2030.