بعد التراجع الكبير الذي شهده سوق الرموز غير القابلة للاستبدال (NFTs) والذي أطاح بقيمة الأصول الرقمية وخفّض عوائدها بأكثر من 80% منذ منتصف 2022
، وجدت منصة OpenSea نفسها على حافة الانهيار. تراجعت الشركة التي بلغت قيمتها في أوج ازدهارها عام 2022 نحو 13.3 مليار دولار وجنت إيرادات شهرية تجاوزت 125 مليون دولار، إلى 3 ملايين فقط في أكتوبر/تشرين الأول 2023، لتواجه أزمة هوية وسوقاً انصرف عنها المستثمرون.
تعديل البوصلة
في تلك اللحظة الحاسمة، اتخذ المؤسس والرئيس التنفيذي ديفين فينزر قراراً جذرياً: تسريح أكثر من نصف موظفيه، وتقليص الشركة إلى نواة صغيرة مرنة قادرة على إعادة بناء نفسها من الصفر. من تلك الأزمة، وُلدت OpenSea 2.0؛ ليست مجرد سوق للرموز الرقمية الفنية، بل منصة شاملة لتداول جميع أنواع العملات والرموز عبر أكثر من 22 شبكة بلوكشين.
جاءت الفكرة – كما يقول فينزر – من زوجته يو-تشي ليرا كوو، الباحثة السابقة في الفلسفة والسياسة في برينستون وحاملة شهادة القانون من هارفارد والمستثمرة المبكرة في العملات المشفّرة. ورغم عدم توليها دوراً رسمياً، وصفها فينزر بأنها "الشريكة الصامتة" في التحول الجديد.
بدأت نتائج هذا التحول بالظهور سريعاً. ففي أول أسبوعين من أكتوبر/تشرين الأول 2025، تجاوزت قيمة التداولات عبر المنصة 1.6 مليار دولار في العملات المشفّرة و230 مليون دولار في الرموز الرقمية الفنية، ما جعل الشهر الأكبر في أداء الشركة منذ أكثر من ثلاث سنوات. تجمع المنصة حالياً أوامر البيع والشراء من منصات لامركزية مثل Uniswap وMeteora، وتقتطع رسوماً تبلغ نحو 0.9% من كل معاملة، أي ما يعادل 16 مليون دولار خلال أسبوعين فقط.
يرى فينزر أن القاعدة القديمة في عالم التداول التي تقول "لا تقاوم التيار" هي ما يقود رؤيته الجديدة. فمع صعود بيتكوين وعودة الحماسة إلى الأسواق وازدهار ما يُعرف بعملات "الميم"، قرر أن تسير OpenSea مع التيار لا ضده. ويعتبر أن توسيع نطاق التداول ليشمل جميع الأصول الرقمية هو "الخيار الصحيح للمرحلة الحالية من العملات المشفرة".
لم يكن التحول تقنياً فقط، بل إدارياً أيضاً. فبعد موجة التسريحات، ألغت الشركة الإدارات التقنية، وأصبح كل مهندس يكتب الشيفرة بنفسه. وبدلاً من فلسفة "النمو السريع بأي ثمن" التي كانت سائدة في وادي السيليكون، تبنّى فينزر مبدأ "البقاء صغيراً وفعالاً"، متماشياً مع روح الحقبة الجديدة التي تقودها شركات الذكاء الصناعي.
في المقابل، تراجعت منافستها Blur — التي كانت قد استحوذت على السوق برسومها المنخفضة وسياساتها الجريئة — إلى الظل، بعد أن هبط حجم تداولها من أكثر من مليار دولار إلى أقل من مئة مليون.