التكنولوجيا المالية ليست ترفاً تقنياً، بل ضرورة اقتصادية واجتماعية

التحول الرقمي في الحكومة

مقال الاسبوع
Typography
  • Smaller Small Medium Big Bigger
  • Default Helvetica Segoe Georgia Times

التكنولوجيا المالية ليست ترفاً تقنياً، بل ضرورة اقتصادية واجتماعية

لقد أصبح قطاع التكنولوجيا المالية (FinTech) أحد المحركات الأساسية للتحول الاقتصادي الرقمي في العالم بل ويمكن القول إنه أصبح يعد من الأعمدة الرئيسية للثورة الصناعية الرابعة التي يعيشها العالم اليوم.

فبفضل الابتكار في الخدمات المالية والتقنيات الرقمية، بات من الممكن تحسين كفاءة المعاملات وتوسيع الشمول المالي وتعزيز فرص النمو الاقتصادي العالمي على نحو غير مسبوق.

 

وتلعب التكنولوجيا المالية دوراً محورياً في تسريع وتيرة الاقتصاد الرقمي من خلال تقديم حلول مبتكرة مثل المحافظ الإلكترونية وخدمات الدفع عبر الهاتف المحمول وتقنيات البلوك تشين والذكاء الاصطناعي في تحليل البيانات المالية، بالإضافة إلى تمويل الأفراد والمؤسسات عبر المنصات الرقمية.

كل ذلك ساهم في إعادة تشكيل طبيعة الأنظمة المالية، وتحقيق تكامل أعمق بين الاقتصاد التقليدي والرقمي.

 

أما على صعيد النمو الاقتصادي العالمي، فقد ساهمت التكنولوجيا المالية في فتح آفاق جديدة أمام ريادة الأعمال، ودعمت نمو الشركات الصغيرة والمتوسطة عبر تسهيل الوصول إلى التمويل، كما ساعدت في تقليل التكاليف التشغيلية، وتحسين الكفاءة والشفافية، مما انعكس بشكل مباشر على نمو الناتج المحلي الإجمالي في العديد من الدول.

 

الكويت واكبت هذه التطورات، حيث بدأت الدولة بالفعل في اتخاذ خطوات جادة نحو مواكبة هذا التطور، سواء من خلال القطاع الحكومي أو من خلال القطاع الخاص، فعلى الصعيد الحكومي، لعب بنك الكويت المركزي دوراً بارزاً في وضع الأطر التنظيمية التي تواكب التطور السريع في قطاع التكنولوجيا المالية، حيث أطلق العديد من المبادرات، مثل “رؤية تطوير القطاع المالي”، والرقم الوطني الموحد للمدفوعات”، والتجربة الرقابية (Regulatory Sandbox)” التي تسمح باختبار المنتجات والخدمات المالية المبتكرة ضمن بيئة رقابية مرنة.

 

وكذلك الحال بالنسبة للقطاع الخاص الذي بدأت العديد من شركاته الكبيرة، بل وحتى الناشئة التي تعمل في مجال التكنولوجيا المالية بمواكبة هذه التطورات والعمل على تطوير خدمات متنوعة مثل الدفع الإلكتروني وإدارة الأموال، والتمويل الجماعي، والتأمين الرقمي، كما أطلقت البنوك المحلية حلولاً رقمية متقدمة تلبي احتياجات العملاء الحديثة، في ظل ارتفاع الوعي التكنولوجي بين شرائح المجتمع، وخاصة الشباب.

 

وتسعى الكويت اليوم، ضمن رؤية “كويت جديدة لعام 2035”، إلى التحول إلى مركز مالي وتجاري إقليمي ويُعتبر تطوير قطاع التكنولوجيا المالية عنصراً أساسياً لتحقيق هذه الرؤية، نظراً لقدرته على خلق فرص عمل جديدة، وتحفيز الاستثمارات، وتعزيز كفاءة القطاع المالي ككل ــ خلاصة القول، لم تعد التكنولوجيا المالية ترفاً تقنياً، بل أصبحت ضرورة اقتصادية واجتماعية، تشكل ركيزة أساسية لبناء مستقبل رقمي أكثر شمولاً واستدامة، لذا من المهم أن تواصل الكويت دعم هذا القطاع الواعد من خلال التشريعات المرنة وتعزيز البنية التحتية الرقمية، وتشجيع ثقافة الابتكار، لضمان موقع ريادي في الاقتصاد الرقمي العالمي.

دمتم بود،