في قلب العاصفة

بين نيران السياسة وحركة السوق

مقال الاسبوع
Typography
  • Smaller Small Medium Big Bigger
  • Default Helvetica Segoe Georgia Times

 بين نيران السياسة وحركة السوق                

يشهد العالم من حولنا مرحلة استثنائية من التوترات والتحولات، عنوانها الأبرز في هذه المرحلة هو التصعيد غير المسبوق بين إيران والكيان الصهيوني.
فمع استمرار الحرب المفتوحة بين الطرفين، باتت تداعياتها تطرق أبواب الاقتصاد العالمي والإقليمي بقوة، في وقت لا تزال فيه الأسواق تحاول استيعاب آثار الأزمات السابقة، من جائحة عالمية إلى حروب الطاقة والتقلبات الجيوسياسية في أوكرانيا وغيرها.

الخليج، بحكم موقعه الجغرافي ومكانته كمحور رئيسي في إنتاج وتصدير الطاقة، يبقى في عين العاصفة. فكل تطور ميداني بين طهران وتل أبيب، وكل تصريح ناري أو تحرك عسكري، ينعكس مباشرة على أسعار النفط، وحركة التجارة، وثقة المستثمرين. 

ومع دخول قوى دولية على خط الوساطات والتوازنات، تتعقد الحسابات، وتغدو الحاجة إلى استقرار سياسي أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى لضمان استمرار النمو والتنمية.

على صعيد مختلف، ووسط هذا الضجيج السياسي، لا تتوقف حركة الأسواق عن النمو في مجالات جديدة، تفرض إيقاعها على الاقتصاد المعاصر، وفي هذا العدد تفتح "ايكونيوز" ملف سوق التوصيل.

فخلال السنوات الأخيرة، شهدت خدمات التوصيل في الكويت والمنطقة طفرة لافتة، تحولت معها التطبيقات والمنصات الرقمية إلى شرايين يومية تغذي نمط الحياة والاستهلاك.
ولم يعد التوصيل مقتصراً على الطعام أو التسوق، بل توسّع ليشمل خدمات طبية، تعليمية، وحتى الحكومية.

هذا القطاع بات يشكل رقماً صعباً في الاقتصاد المحلي، من حيث حجم الاستثمارات وفرص العمل، لكنه أيضاً يطرح تساؤلات ملحة حول التنظيم، وحقوق العاملين، ومستقبله في ظل المنافسة الشرسة والتحولات التقنية.

الكويت، كما غيرها من دول الخليج، مطالبة اليوم بموازنة دقيقة بين تعزيز مناخ الاستثمار في هذا القطاع الحيوي، وبين ضمان بيئة عمل عادلة وتنظيمية مستدامة، تضمن استمرار النمو دون أن يتحول إلى فقاعة استهلاكية أو بيئة طاردة للكفاءات.

بين السياسة والاقتصاد، بين الحرب والتقنية، تظل المنطقة في حالة شد وجذب مستمرة..لكن ما بين التحديات والفرص، تبقى الإرادة الوطنية، والرؤية الاقتصادية بعيدة المدى، هما البوصلة الوحيدة التي يمكن أن تحفظ استقرارنا، وتحمي مستقبل أجيالنا.
دمتم بود…