عاصوف ترامب
يعد قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرض “رسوم جمركية متبادلة” جزءاًً من توجهه الحمائي الذي تبناه خلال فترته الرئاسية، والذي ركز على “أمريكا أولاًً” وإعادة التوازن التجاري مع الدول الأخرى. تحليل أثر هذا القرار على دول الخليج العربي والدول العربية بشكل عام يمكن أن يتم من عدة زوايا:
أولاًً: الأثر على دول الخليج العربي:
اقتصاديات الخليج تعتمد على الصادرات النفطية، وبالتالي قد لا تؤثر الرسوم الجمركية بشكل مباشر على صادرات النفط والغاز، لأنها غالباًً ما تُُعفى من هذه الإجراءات بسبب الحاجة العالمية إليها، لكن لو طالت الرسوم قطاعات أخرى )كالبتروكيماويات أو الألمنيوم أو الصلب(، فستتأثر بعض الصناعات الخليجية، خصوصاًً السعودية والإماراتية والبحرينية. اما فيما يتعلق بالاستثمارات الخليجية في أمريكا، فيمكن القول بأن القرار قد يولد نوعاًً من التوتر
التجاري والسياسي، مما يدفع الدول الخليجية إلى إعادة النظر في استثماراتها، أو تنويعها بعيداًً عن السوق الأمريكي.
ثانياًً: سيؤدي القرار إلى ارتفاع تكلفة الواردات من أمريكا، ما يعني بالضرورة تأثر القطاعات التي تعتمد على منتجات أو تكنولوجيا أمريكية (مثل القطاعات الدفاعية، والطبية، والتقنية). هذا على صعيد دول الخليج العربي، اما بالنسبة لباقي الدول العربية، فيمكن القول ان اثر القرار على الدول العربية سيكون كبيرا على الدول العربية المصدّّرة للسلع
مثل مصر والمغرب وتونس (التي تصدّّر منسوجات أو منتجات زراعية إلى الأسواق الغربية)، قد تواجه تحديات في حال تم فرض رسوم جديدة على صادراتها.
ذلك الأمر قد يؤدي إلى احتمالية تغيّر سلاسل التوريد، بمعنى ان تلك الدول ستسعى للبحث عن بدائل، سواء في الشراء أو التصدير، مما يربك التجارة الدولية ويؤثر
على اقتصادات تعتمد على التصدير أو الاستيراد.
لكن ماذا لو تراجع ترامب عن قراره؟
في هذه الحالة سينخفض التوتر التجاري العالمي وستُُطمئن الأسواق، وقد تنخفض أسعار بعض السلع، فضلاًً عن أنه يتوقع تحسُُّن في العلاقات التجارية بين أمريكا وشركائها، مما قد يعزز النمو العالمي. بالإضافة إلى ذلك فإن التراجع سيساهم في عودة الثقة بالنظام التجاري العالمي بقيادة أمريكا، بعد
فترة من الشكوك في التزامها بقواعد منظمة التجارة العالمية.
اما في حال اصرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب
على تطبيق القرار، فإن التوقعات لا تستبعد اندلاع حرب تجارية عالمية، خصوصاًً إذا ردّّت الدول المتضررة بإجراءات انتقامية، خاصة من قبل الصين والاتحاد الأوروبي التي قد تفرض رسوماًً مضادة باعتبارها من أكثر الدول تضرراًً ، مما سيؤدي إلى:
• اضطراب في التجارة العالمية.
• انكماش اقتصادي عالمي بسبب ضعف الاستثمارات وثقة الأسواق.
• ارتفاع الأسعار على المستهلكين نتيجة زيادة التكاليف الجمركية.
• تأثر الدول النامية (ومنها العديد من الدول العربية) بسبب اعتمادها على التصدير والاستيراد.
خلاصة القول،
قد تتأثر دول الخليج بقرار الرسوم الجمركية بشكل محدود ما لم تشمل الرسوم صادراتها غير النفطية، بينما الدول العربية ذات الاقتصادات الهشة قد تعاني من آثار سلبية أوسع.
كما أن استمرار هذا التوجه يمكن أن يُُدخل العالم في موجة حروب تجارية تضر بالجميع، في حين يمكن أن يؤدي التراجع عن القرار إلى فرصة لتعافي العلاقات التجارية وتهدئة الأسواق.
دمتم بود،،،