الاستثمار في السياحة!

 في ظل الجهود المستمرة لتنويع الاقتصاد الوطني بعيداً عن الاعتماد على النفط، أعلنت الكويت عن تحقيق تقدم ملحوظ في قطاع السياحة خلال عام 2025، حيث شهدت إيرادات السياحة ارتفاعاً يعكس جاذبيتها المتزايدة كوجهة سياحية إقليمية. وفقاً لتقارير حديثة من منظمة السياحة العالمية ومجلس السفر والسياحة العالمي (WTTC)، بلغت إيرادات السياحة في الكويت نحو 973.9 مليون دولار أمريكي في عام 2024، مع توقعات بنمو سنوي يصل إلى 2.98% حتى عام 2029، مما يدفع السوق إلى حجم يتجاوز 1.128 مليار دولار بحلول ذلك العام. 

 هذا التقدم لم يأتِ من فراغ، بل هو نتيجة استراتيجيات مدروسة تهدف إلى تعزيز القدرات السياحية وجذب الزوار الدوليين.عوامل النجاح والنمو المتسارعيُعزى هذا الارتفاع في الإيرادات إلى عدة عوامل رئيسية. أولاً، زيادة عدد السياح الوافدين، حيث يُتوقع أن يصل إلى 11.8 مليون سائح بحلول عام 2028، مقارنة بـ9.8 مليون في عام 2023، بنسبة نمو سنوية متوسطة تبلغ 2.9%. 

 وفي سياق عام 2025، أشارت التقارير إلى أن الكويت حققت نمواً في الإنفاق السياحي الداخلي والخارجي، مدعوماً بارتفاع الدخل القابل للتصرف لدى السكان، مما يعزز الإنفاق على التجارب السياحية المحلية والدولية. 

 كما ساهمت الفعاليات المحلية الكبرى، مثل حفل "خليجي زين 26"، في دفع الإيرادات من خلال زيادة الحجوزات الفندقية والمطاعم، مما وضع الكويت على الخريطة الترفيهية في دول الخليج. 

على الصعيد الإقليمي، أبرز الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي أن عدد السياح الدوليين الوافدين إلى دول الخليج بلغ 68.1 مليون سائح في عام 2023، بإيرادات تصل إلى 110.4 مليار دولار، وتستمر الكويت في المساهمة الفعالة في هذا النمو. 

 ومع ذلك، يظل الإنفاق السياحي الوافد إلى الكويت  الذي يعتمد بشكل أساسي على زيارات الأقارب والأصدقاء  عند حوالي 5% من الناتج المحلي الإجمالي، مما يفتح المجال أمام فرص أكبر للاستثمار في السياحة الفاخرة والرياضية. 

المركز المتقدم في التصنيفات العالميةاحتلت الكويت مركزاً متقدماً في تصنيفات النمو السياحي العالمية، حيث صنفتها منظمة WTTC كواحدة من أسرع الدول نمواً في مساهمة السياحة في الناتج المحلي الإجمالي خلال عام 2019 بنسبة 11.6% سنوياً، وتستمر هذه الزخم في 2025 مع توقعات بنمو إجمالي يصل إلى 21.4 مليار دولار في الإيرادات السياحية بحلول 2028. 

 هذا الإنجاز يعكس نجاح الاستراتيجية الوطنية للسياحة، التي تركز على الابتكار والاستدامة، مستلهمة من اتجاهات عالمية مثل تلك المحددة في تقرير "Skift’s Megatrends" لعام 2025، والتي تشمل تطوير التكنولوجيا في الحجوزات والتركيز على السياحة المستدامة. 

بالمقارنة مع السنوات السابقة، ارتفعت إيرادات السياحة من 1.2 مليار دولار في عام 2019 إلى مستويات أعلى في 2025، مدعومة بزيادة الإنفاق الداخلي الذي بلغ 6.1 مليار دولار في عام 2020 وحده. 

 كما أن 85% من الإيرادات المتوقعة بحلول 2029 ستأتي من المبيعات عبر الإنترنت، مما يعزز من دور التكنولوجيا في تعزيز الوصول إلى الأسواق الدولية. 

التحديات والآفاق المستقبليةرغم هذا التقدم، تواجه الكويت تحديات مثل الحاجة إلى مزيد من الاستثمارات في البنية التحتية السياحية ومواجهة المنافسة الإقليمية من دول مثل الإمارات وقطر والسعودية، التي اعتمدت استراتيجيات شاملة للسياحة الرياضية والترفيهية. 

 ومع ذلك، يُتوقع أن يساهم القطاع في خلق فرص عمل جديدة وتعزيز الاقتصاد غير النفطي، حيث يُشكل حالياً جزءاً مهماً من التنويع الاقتصادي.

في الختام، يمثل تقدم الكويت في إيرادات السياحة لعام 2025 دليلاً على إمكانياتها كوجهة سياحية، مع مركز متقدم في التصنيفات العالمية. من خلال الاستمرار في الاستثمار والابتكار، يمكن للكويت أن تحول هذا النمو إلى محرك رئيسي للاقتصاد المستدام.

دمتم بود